لا شكّ أن قضية الانهيار الذي نعيشه في لبنان أثّر على جميع مفاصل الحياة في البلاد ولا شكّ أيضاً أن إرتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة أدّى الى تدهور الأوضاع والى ارتفاع اسعار السلع والمحروقات، ولكن ما لم نتنبّه له أن حدثاً مهماً حصل في العالم الا وهو إنهيار بنك "سيليكون فالي" أدى الى إنهيار مجموعة من الصمارف وانسحب الهلع على أسعار النفط عالمياً، ولكن هذا الأمر لم يؤثّر على سعر صفيحة البنزين بالدولار التي وحتى أول من أمس كانت لا تزال مرتفعة.
الاسبوع الماضي تطرّقت "النشرة" الى موضوع إرتفاع أسعار المشتقات النفطيّة في لبنان مقارنةً مع إنخفاض أسعار النفط عالمياً، يومها كان جواب عضو نقابة مستوردي أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس أننا "لم نشهد أيّ إنخفاض لأن هناك هامش 15 يوماً قبل ذلك"، ليعود ويؤكد أننا "منذ الجمعة الماضي ستتراجع اسعار صفيحة البنزين بالدولار"، أما مصادر مديرية النفط فأكدت لـ"النشرة" أن "هناك إنخفاضاً حصل في سعر صفيحة البنزين ولكن لم تشعر به الناس نظرا لإرتفاع الدولار"! أمّا كيف حصل هذا بالخفاء فهو ضربٌ من ضروب التنجيم.
مقارنة بالجداول
بعد إجراء المقارنة بالجداول التي صدرت طيلة الأسابيع الماضية، لم نجد أي إنخفاض في سعر صفيحة البنزين بالدولار. وبحسب الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين فإن "نسبة إنخفاض البنزين عالمياً هي أعلى بكثير من نسبة إرتفاع الدولار".
وبعمليّة حسابيّة بسيطة قمنا بها مع شمس الدين لاحتساب تأثير تراجع برميل النفط على صفيحة البنزين رُغم إرتفاع الدولار، إنطلقنا من آخر جدول أسعار، الذي صدر أول من أمس واشار الى أن سعر صفيحة البنزين بالدولار هو 14,75$.
8$ السعر العالمي؟!
بتاريخ 20 آذار 2023 يوم اصدار الجدول الذي استندنا اليه وصل سعر برميل النفط عالمياً الى 65$. هنا يشرح شمس الدين أن "البرميل مقسّم الى 8 صفائح وبالتالي علينا أن نقسم 65 على 8 لنعرف سعر صفيحة البنزين عالمياً أي 65/8= 8.1$، وبالمختصر اذا قمنا بقسمة 14.75/ 8.1= 6.6$ (كلفة الشحن والتأمين التفريغ، العمولة وارباح الشحن).
هنا يؤكّد شمس الدين أن 6.6$ عن كلّ صفيحة بنزين ككلفة شحن... هو رقم مرتفع، مشدّدا على أنه "حكماً يجب أن يكون الرقم أقلّ، وبالتالي لا يجب أن يتجاوز سعر الصفيحة الواحدة بالدولار لـ12$ لتصل الى لبنان، هذا اذا استمر وضع النفط على ما هو عليه عالميًّا ولم ينخفض أو يرتفع لأنّه عندها سينعكس على الأرقام صعودا او هبوطًا".
احتساب سعر الصفيحة
يكمل شمس الدين العملية الحسابية، ويشير الى أن سعر الصفيحة بالليرة قبل الاضافات 14.75x120.000 ليرة= مليون و770 الف و528 ليرة. هذا هو السعر الذي تتقاضاه الشركات يضاف اليها عن كل صفيحة: ضربية جمركية تساوي 5060 ليرة، أجرة النقل 42 الف ليرة، عمولة المحطات 120 الف ليرة، عمولة مصرفية 17700 الف ليرة، فيصبح المجموع يساوي 1.955.288 ليرة.
بعدها يجب احتساب الضريبة على القيمة المضافة أو TVA، مليون و955 الف و288 ليرة+11% فيصبح الرقم 2.170.000 ليرة (سعر الصفيحة بحسب الجدول الأخير الصادر أول من أمس".
في السياق ذاته، ان استيراد المحروقات العام الماضي وصل الى حدود 110 ملايين "تنكة" (20 ليترا)، ولكن ومع ارتفاع سعر صفيحة البنزين يتوقّع أن ينخفض هذا العام ولن يتعدى 90 مليون صفيحة، وإذا كان لا يفترض أن يتجاوز سعرها 12$ وهي حالياً تباع بأكثر من 14$، هذا يعني وجود أكثر من 2$ أرباح على كل 20 ليتر بنزين بأقل تقدير، ما يعني 2X90 تساوي 180 مليون دولار هي الارباح "غير الشرعية" لمستوردي النفط سنوياً!؟. الا يستحقّ هذا الرقم أن يحرّك القضاء ويهز عرش وزارتي الطاقة والماليّة، للبدء بتحقيقات شفاّفة بعيدا عن المحاصصات والنكديّات السياسية؟! هذا هو الفساد والهدر، وهذه هي الدولة التّي يديرها البعض بذهنية البقرة الحلوب الّتي تدرّ ارباحًا خفيّة غير قانونيّة ومخفيّة عن العيون!.